مخاوف “المجنسين” السوريين في تركيا من سحب الجنسية.. واقعية أم مبالغ فيها؟

مخاوف “المجنسين” السوريين في تركيا من سحب الجنسية.. واقعية أم مبالغ فيها؟
ساور السوريين من حملة الجنسية التركية الكثير من القلق، بعد تصاعد الخطاب السياسي ضدهم، لتزداد مخاوفهم اليوم، تزامناً مع زيادة حدّة مناهضتهم من قبل بعض المحسوبين على المعارضة التركية، ودعوات الأخيرة لمنع مشاركتهم في الانتخابات المقررة منتصف العام القادم، وصولاً إلى المطالبة بسحب الجنسية “الاستثنائية” التي حصلوا عليها.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تصدر المجنسون الحديث المتعلق بالسوريين في تركيا، بعد أن شمل فيما سبق، حملة بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك)، الأمر الذي دفع بعضهم إلى طرح تساؤلات ومخاوف من إمكانية سحب الجنسية منهم.. وإن كان هناك قانون رادع يُطمئنهم، ويمنع من حصول ذلك.

تقول ديانا التي نالت الجنسية التركية قبل أعوام بناء على دراستها الجامعية، إن تهديدات المعارضة بإمكانية إعادة دراسة ملفات السوريين الذين حصلوا على الجنسية، وسحبها منهم “جعلت مخاوفنا من إمكانية حصول ذلك حقيقية”.
وتؤكد الشابة السورية المقيمة في إسطنبول لموقع “تلفزيون سوريا”، أنه لا ثقة لديها اليوم بإمكانية عدم تحقيق ذلك – سحب الجنسية – في المستقبل، مضيفة أن “كل شيء ممكن في تركيا.
وتوضح أن الحل بالنسبة إليها، هو السفر إلى بلد آخر على الأغلب أنه عربي، تُعد له العدة حالياً بعد استخراجها لجواز سفر تركي، وتنتظر الفرصة للخروج “التي قد تكون غير بعيدة” بحسب وصفها.
محمد المقيم في أورفا بالجنوب التركي يساوره الشك ذاته، ورغم كل التطمينات من زملائه المدرسين الأتراك الذين يعملون معه في المدرسة ذاتها، والقائلة إن تهديدات المعارضة تدخل من باب “المناكفات السياسية”، إلا أن هذه “التطمينات” لم تنل الثقة الكاملة لديه.
وأضاف الشاب الذي طلب في حديث لموقع “تلفزيون سوريا” ذكر اسمه الأول فقط، أن إمكانية تنفيذ سحب الجنسية بشكل جماعي للمجنسين قد لا تكون ممكنة، إلا أنها يمكن أن تكون بشكل فردي، مشدداً على أن ذلك هو ما حصل بالفعل لأكثر من شخص، و”لأسباب قد لا تكون مقنعة قانونياً”، على حد تعبيره.
خيار الهجرة..
قلق السوريين المجنسين، الذين كانت الجنسية التركية يوماً ما وقبل الحصول عليها، حُلماً للكثير منهم، دفع بعضهم إلى اتخاذ قرار الهجرة إلى أوروبا، بعد أن أصبحت الجنسية التي ظنوا بالأمس أنها “الملاذ الآمن”، غير مطمئنة لهم اليوم.
وفي الأسابيع الأخيرة، ازداد عدد السوريين الذين قرروا الهجرة إلى أوروبا باستخدام جوازات سفرهم التركية للوصول إلى صربيا، وهم بذلك اجتازوا نصف طريق الهجرة، بل واجتازوا النصف الأخطر منها، المتمثل خاصة في طريق تركيا اليونان.
وكان وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، قد كشف في 19 من يونيو/ حزيران 2022، عن عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية، معلناً في كلمة ألقاها خلال اجتماع لحزب “العدالة والتنمية” في عنتاب، أن “210 آلاف سوري حصلوا على الجنسية التركية خلال السنوات الـ 11 الماضية”.
سجالات
سجالات السياسيين الأتراك فيما يتعلق بالمجنسين السوريين، تمحورت ما بين تهويل بدورهم في الانتخابات القادمة، عبر تضخيم عدد من حصلوا عليها، أو عبر محاولات استمالة كل طرف لأصوات هؤلاء، أو تحييد أصواتهم من دعم خصومهم من جهة أخرى، وهناك من قلل أهميتهم ودورهم.
وفي 8 من أغسطس/ آب الجاري، قال رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، إن الأجانب الحاصلين على الجنسية التركية لا يشكلون خطراً على الانتخابات القادمة في بلاده.
وأضاف في مقابلة أجراها مع صحيفة “Sözcü” التركية، أن “حزب الشعب الجمهوري” على دراية تامة بكل الناخبين، و”يمكننا استنتاج عدد الحاصلين على الجنسية، من خلال اطلاعنا على أماكن الولادة، ونعلم الأجانب الذي يصوتون، ولا يوجد عدد مرتفع من قبيل 400 – 500 ألف ناخب”.
وزعم كليتشدار أوغلو، بأن المعلومات التي لدى الحزب ليست موجودة لدى الهيئة العليا للانتخابات التركية، وأضاف: “نحن نعرف كل ناخب، الناخبون الذين سيذهبون إلى صناديق الاقتراع لأول مرة، نعرف منازلهم وعناوينهم، ونعرف أماكن ولادتهم”.
الرد على هذه التصريحات، جاء عبر صحيفة “يني شفق” الموالية للحكومة التركية، واتهمت فيها كليجدار أوغلو بأنه هو الذي فتح باب الخطاب المعادي للسوريين.
وتساءلت الصحيفة بأنه لو تطرق مسؤول في حزب العدالة والتنمية بتصريحات مماثلة لتصريحات رئيس الحزب الجمهوري المتعلق بالحصول على معلومات حول الناخبين الذين سيصوتون في الانتخابات “لأطبقوا الدنيا فوق رأسه وكتبوا أن هناك عملية تزوير حقيقية في انتخابات 2023”.
وذكرت “يني شفق”، أن المعلومات المتاحة، يمكن لأي حزب أن يستخرج العديد من النتائج المختلفة ويجري دراسات حول الانتخابات والناخبين، وتبين في السنوات الماضية، أن هناك جهات حصلت على معلومات من الهيئة العليا للانتخابات وقامت ببيعها للشركات التجارية.
وفي السياق ذاته، وفي أبريل/ نيسان الفائت، حذر زعيم حزب “الديمقراطية والتقدم” علي باباجان، خلال مؤتمر صحفي، الحكومة من منح الجنسية التركية للاجئين لأغراض سياسية.
وشدد باباجان في حديثه حول منح الجنسية التركية للسوريين، على ضرورة ربطها بأسس ومبادئ محددة: “إذا كانت هناك دوافع سياسية لمنح الجنسية فيجب إيقاف هذه العملية فوراً، وإلا فهو وضع غير مقبول، وصبر شعبنا محدود إلى حد ما، لذلك نحتاج إلى قياس نبضه جيداً، ويجب على الحكومة أن تجد حلاً جذرياً وتضعه أمام تركيا في أسرع وقت ممكن”. على حد تعبيره.
الهاشتاغ حاضر..
السجالات السياسية حول المجنسين، وصلت قبل نحو أسبوعين إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وكان أبرزها في تويتر، عبر إطلاق مغني البوب التركي مصطفى صندل وسماً (هاشتاغ)، يطالب بمنع السوريين الحاصلين على الجنسية التركية من المشاركة في الانتخابات المقبلة.
المصدر : تلفزيون سوريا