الاقتصاد والاستثمار
أخر الأخبار
«تمكين»… بوابة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نحو المنافسة العادلة في المناقصات الحكومية
- في خطوة تعكس تحوّلًا عمليًا في دعم القطاع الخاص وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني، أطلقت غرفة تجارة وصناعة عُمان مبادرة «تمكين»، لتضع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أمام فرصة حقيقية للانتقال من هامش المشاركة إلى قلب المنافسة في منظومة المشتريات والمناقصات الحكومية. المبادرة، التي جاءت بالتعاون مع وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040، وهيئة المشاريع والمناقصات والمحتوى المحلي، وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تمثل نموذجًا واضحًا للتكامل المؤسسي الهادف إلى بناء اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة. لا تنطلق «تمكين» من فراغ، بل تأتي كإحدى المخرجات الرئيسية للورشة التطويرية للتوجهات الاستراتيجية لغرفة تجارة وصناعة عُمان، والتي ركزت على تحسين بيئة الأعمال، وتوسيع قاعدة التنويع الاقتصادي، وتعزيز الشراكة في تنمية المحافظات اقتصاديًا. ومن هذا المنطلق، تسعى المبادرة إلى معالجة واحدة من أبرز التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والمتمثلة في محدودية الجاهزية الفنية والإجرائية للمنافسة على المناقصات الحكومية، رغم تخصيص نسبة 10% من هذه المناقصات لصالحها. وتعكس المبادرة رؤية واضحة في تحويل هذه النسبة من مجرد نص تنظيمي إلى فرصة فعلية للنمو، من خلال تنفيذ برامج تدريبية تمتد على عامي 2025 و2026 في مختلف محافظات سلطنة عُمان. هذه البرامج لا تكتفي بالجانب النظري، بل تركز على بناء خبرات عملية في فهم آليات المناقصات، وإعداد العطاءات وفق أفضل الممارسات، والتعامل مع المنصات الرقمية، وعلى رأسها منصة «إسناد»، بما يعزز من قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على تقديم عروض تنافسية ذات جودة عالية. ويكتسب إطلاق «تمكين» أهمية إضافية كونه يجسد شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، حيث تتكامل أدوار الجهات المعنية في رفع مستوى الشفافية، وتبسيط الإجراءات، وتمكين المؤسسات الوطنية من فهم منظومة المشاريع والمشتريات الحكومية بشكل أعمق. هذا التكامل لا ينعكس فقط على تحسين فرص الفوز بالمناقصات، بل يسهم كذلك في تعزيز المحتوى المحلي، ودعم سلاسل الإمداد الوطنية، وزيادة القيمة المضافة داخل الاقتصاد العُماني. كما تبرز المبادرة إدراكًا متقدمًا لدور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بوصفها محركًا رئيسيًا للتنمية الاقتصادية، ومصدرًا مهمًا لفرص العمل، ومساحة خصبة للابتكار وريادة الأعمال. ومن خلال رفع جاهزية هذه المؤسسات، تفتح «تمكين» آفاقًا أوسع أمام رواد الأعمال للانخراط بثقة في المشاريع الوطنية الكبرى، والمساهمة بفاعلية في تحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040، خصوصًا في ما يتعلق بتنويع مصادر الدخل وتعزيز الاستدامة الاقتصادية. إن «تمكين» ليست مجرد برنامج تدريبي عابر، بل هي رسالة واضحة بأن بناء اقتصاد قوي يبدأ من تمكين مؤسساته الوطنية، الصغيرة قبل الكبيرة، ومنحها الأدوات والمعرفة والفرص العادلة للمنافسة. ومع الانتشار الجغرافي للبرنامج في مختلف المحافظات، تتجسد قناعة راسخة بأن التنمية المتوازنة لا تتحقق إلا عندما تصل الفرص إلى الجميع، وحينها فقط يمكن للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تتحول من متلقٍ للدعم إلى شريك فاعل في صناعة المستقبل الاقتصادي للسلطنة.
